ورد في بعض الآثار أن الله عز و جل أرسل ملك الموت ليقبض روح امرأة من الناس، فلما أتاها ملك الموت ليقبض روحها وجدها وحيدة مع رضيع لها ترضعه وهما في صحراء قاحلة ليس حولهما أحد و هو قد أتى لقبض روحها، هنا لم يتمالك نفسه فدمعت عيناه من ذلك المشهد رحمة بذلك الرضيع، غير أنه مأمور للمضي لما أرسل له، فقبض روح الأم و مضى كما أمره ربه: "لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون" بعد هذا الموقف - لملك الموت- بسنوات طويلة أرسله الله ليقبض روح رجل من الناس ، فلما أتى ملك الموت الى الرجل المأمور بقبض روحه وجده شيخا طاعنا في السن متؤكئا على عصاه عند حداد و يطلب من الحداد أن يصنع له قاعدة من الحديد يضعها في أسفل العصا و يوصي الحداد بأن تكون قوية لتبقى عصاه سنين طويلة. عند ذلك لم يتمالك ملك الموت نفسه ضاحكا و متعجبا من شدة تمسك و حرص هذا الشيخ و طول أمله بالعيش بعد هذا العمر المديد، و لم يعلم بأنه لم يتبق من عمره الا لحظات، فأوحى الله الى ملك الموت قائلا: فبعزتي و جلالي إن الذي أبكاك هو الذي أضحكك.
سبحانك ربي ما أحكمك سبحانك ربي ما أعدلك سبحانك ربي ما أرحمك.
نعم ذلك الرضيع الذي بكى ملك الموت عندما قبض روح أمه هو ذلك الشيخ الذي ضحك ملك الموت من شدة حرصه و طول أمله.