يارب... هب لي عقلاً صافياً ذكياً، وقلباً ذاكراً نقياً، ولساناً بشكرك رطباً ندياً، وجسماً على طاعتك مقبلاً حفياً، وعلى البلاء صابراً قوياً، ونفساً مؤمنة أبية، راضية مرضية، وروحاً تسمو في معارج القدُس، مع الملائكة المقربين، والنبيين والشهداء والصالحين، يا ذا الجلال والإكرام. يارب... امنحني طاقة حب ورحمة؛ ألين بها للناس فتأتلف بها قلوبهم ليجتمعوا على محبتك، واختر لي منهم صديقاً صدوقاً، مخلصاً نصوحاً، واجعلني مقدِّراً نعمة الصداقة مادامت في الله وبالله. يارب... اجعلني أهلاً لنيل شرف العبودية، واكلأني كلاءة الربوبية، وطهر لساني بتلاوة كلامك، واملأ قلبي بمحبتك، وآنس وحشتي بنور معيتك، ونوِّر بصيرتي بنور مشاهدتك. يارب... إني لِـمَا أنزلتَ إليَّ من خير فقير، وإلى فضلك لم أزل في أمسِّ الاحتياج، اللهم ارزقني نعمة شهود آلائك، فأحجم عن معصيتك؛ حياءً منك، وعلمني كيف أصون نعمتك عليَّ، يا ذا الفضل والمنِّ والإحسان. يارب... خلص قلبي من حب الدنيا ومظاهرها، من مال وولد ورياش ومتاع فانٍ، وعافني مما فيها؛ من لعب ولهو وتفاخر وتنافس وتكاثر، واكشف لي عن سَوْءَتِها، كما هي عندك، ونجني من أوهام فتنتها، وغرور حلاوتها، ومن حبائل كواعبها، وسرابات مناصبها، يا منجِّى من المهالك.. يا أرحم الراحمين. يارب... قوَّني على نفسي الأمَّارة بالسوء، حتى أقهرها؛ فتسير خاضعة، على مرادك منها، وشجعني على اقتحام العقبة بفك رقبتي من إسار عاداتي، وحل عقدة إصراري، وأعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات من ظلمات اليأس وغَيَاهب الإحباط، اللهم أصلح نفسي ولا تقنطني من إمكانية إصلاحها، ولو طال عمري. يارب... علمني ما ينفعني، وانفعني بما علمتني، وزدني من لدنك علماً، اللهم علمني من حقائق التوحيد، ما أنال به شرف عبوديتك؛ حتى لا يقرَّ لي قرار ولا يهدأ لي بال إلا بالسكون على بساط الأدب في حضرة مشاهدتك، اللهم أغرقني في عين بحر الفناء؛ حتى أراك يقيناً في كل شيء، ولا أراك بشيء